RedPeace

بين الموسيقى والتشكيل: ربال ملاعب ينقل بلاده للعالمية

منذ أن أبصر النور، فتح الفنان اللبناني رِبال ملاعب عينيه في داخل منزله على ألوانٍ زاهيةٍ يعجّ بها منزله، وريشةٍ تتلاعب بها لتُخرِج الأشكال والألوان المرحة التي كان والده جميل يحوّلها لوحاتٍ فنيةً، ومعارض مفتوحة الآفاق.

وفي الخارج، لم تغب عن مسمعه أنغام حفيف الصنوبر المتباسق يغطي فضاء منطقته الشوف، ولا خرير مياه نبع الصفاء المتدفق في وديانه، ولا أنغام الطيور المقيمة في أرجاء منازل القرميد، المعشِّشة في كوّاته، كما لم تغب عن ناظريه مناظر بلاده المتنوعة والجميلة، جامعةً ألوان الجبل، وتناغم الزهور ، إلى صفاء البحر وانسيابه الهاديء، وسوى ذلك من جمالات وعناصر تميّز الطبيعة اللبنانية الخلّابة.

ويوم بلغ السابعة عشرة من عمره، حمل أنغام بلاده، وألوانها، وبحرها، وأنهرها، في كتلة مرئيّة مسموعة، ونقلها الى أكاديميّات الفنون في النمسا وسويسرا، وحوّلها في دراسته للفنون التشكيلية والموسيقية إلى تآليف لا تنفصم عراها في أحاسيسه وعواطفه، من أعمال مندمجة تشكيلاً لونياً وموسيقى متناسقة، تخرج من بين يديه عوالم جديدة من الفن الراقي المرئي والمسموع؛ تجربةٌ فنيةٌ تشكيلية-موسيقية غير مسبوقة.

آخر مبتكراته، معرض فني تشكيلي على أنغام موسيقية يقيمه حالياً في مدينة زوريخ في سويسرا، تحت عنوان "كرومات الحد الأدنى" وفيه يقول ل"ردبيس" إنه "لا يمكن إخفاء الارتباط بين تأليف اللوحة الفنيّة وتوزيع الألوان، وربطها في الثقافة الموسيقية، وقوانين التأليف الموسيقي عندي"، مضيفاً إن "همّي الأساسي أن أخلق لوحةً حسيّةً تأمليّة، فالانسان عندما ينظر إلى البحر أو السماء، يضع نفسه في وضع تأمليّ".

ويتناول خصائص أسلوبه ومميزاته، مركّزاً على اهتمامه بخدمة مواضيع الطبيعة، والغاية بنظره "أن أخلق لوحةً حسيّةً تأمليّة".

ويرى إنّ “خدمة مواضيع الطبيعة تدفعني لأخلق لوحة فيها صفاء، ودهشة، ألغي فيها كل العناصر غير الضرورية، وبالنسبة لي، الاختزال في الرسم أو النظافة بالتأليف هي أعلى درجات الرقيّ باللوحة الفنية"، كما يقول.

المعرض سلسلة من اللوحات الزيتيّة التي تتميز بألوانها الحيّة، وكل عمل يجسد اللحظات السحريّة لشروق وغروب الشمس، والمناظر الساحلية، والسماء الواسعة، ويدعو المشاهدين للغوص في سكون الطبيعة.

تجمع تقنية ملاعب الفريدة بين الألوان القوية والأشكال المبسطة، لخلق جو تأملي ومتوازن،وتعكس هذه الصور التحولات العاطفية بين الليل والنهار، وتبرز الجمال الدقيق للبيئة.

معرض "كرومات الحد الأدنى" يحفِّز على التعرف على المشاعر العميقة والأجواء المخفيّة في الهياكل البسيطة للطبيعة، وهو ليس مجرد تجربة بصرية، بل هو دعوة لإعادة اكتشاف العلاقة مع الطبيعة والتفكير بها.

يترافق المعرض منذ الافتتاح على عزف موسيقي مشترك لملاعب على آلة الفيولّا، وتانيا ملاعب على آلة الكمان، ويوليا ميلوسلافسكايا على البيانو.

 

مع العلم إن ملاعب درس في النمسا وتخصص على آلة الفيولا في جامعة الموسيقى في فيينا، وهو يقيم حفلات عديدة كعازف منفرد في عدة مدن أوروبية، وكونه يتميز بتكامله بين موسيقي ورسام، يقوم بتقديم حفل موسيقي ضمن معارضه الفنية.

 

ملاعب

ولِد ملاعب في عام 1992 في بيصور، لبنان، وانتقل في سن السابعة عشرة إلى سالزبورغ، النمسا، لدراسة الفن في أكاديمية موزارتوم سالزبورغ. بعد ذلك، انتقل إلى فيينا للدراسة في جامعة الموسيقى والفنون المسرحية، حيث حصل على درجة الماجستير بتقدير ممتاز.

كونه ابن الفنان اللبناني جمیل ملاعب، تعلّم ربال حرفته على مرّ السنوات من خلال العمل كمساعد شخصي في ورشة والده.

تم الاعتراف بأعماله دوليًا، حيث أقام معارض فردية في العديد من المعارض المرموقة مثل غاليري إستر ووردهوف في جنيف وباريس، وغاليري جانين ربيز في بيروت، وغاليري أورينت في عمان، وغاليري أغينور في زيورخ، وغاليري كلود ليما في باريس، وغاليري كاتابولت في بازل.

بالإضافة إلى ذلك، عُرضت أعمال ملاعب في معرض فنون "فولتا بازل" عام 2024، وشارك في معارض فنون دولية مثل "Art Paris" 2022 و"MENART Paris". كما كانت له معارض في أمستردام، وعمان، وأبوظبي، ودبي.

يعيش ملاعب حاليًا ويعمل في زيورخ، حيث عُين كمدير فني لجمعية "SUMITO" الثقافية في سويسرا. بالإضافة إلى ذلك، هو رئيس "متحف ملاعب للفنون" ومؤسس "مهرجان ملاعب للموسيقى الكاملة والفنون الجميلة".

بفضل تميّزه في تصوير العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وصوته الفني الفريد، يشجع ملاعب المشاهدين على التفكير في حقيقية اللحظة وإعادة اكتشاف جماليّات العالم التي غالبًا ما تُغفل.

 

الكلمات الدالة

معرض الصور