RedPeace

متحف ومعارض وإبداعات في فنون اللبنانية الثالثة

تحوّلت تلة "المون ميشال" في الهيكلية بطرابلس، حيث يقوم الفروع الثالث لكلية الفنون الجميلة والعمارة في الجامعة اللبنانية،  إلى حالة من التوهّج اللوني، بثّته مجموعة فعاليات في مناسبة واحدة، وتمثلت بحشد غير مسبوق من المعارضالفنية التشكيلية البصرية، وتزاحمت فيه مئات الأعمال من مختلف المشارب الفنية، ومستوياتها.

وعلى أربع طبقات من مبنى الكلية الزجاجيّ، توزعت الأعمال، وفي ورشة واحدة أثمرت أربع طبقات من المعارض، انخرطت كل فاعليات الجامعة من إدارة، وأساتذة، وموظفين، وطلاب في إقامتها.

مدير الفرع الدكتور عصام عبيد يجول على أقسام الورشةـ المعارض، شارحاً كل لحظة فيها، وكل عملمن أعمالها، ويهمه إطلاق تسمية "المنتدى البصري للفنون والعمارةعلى الورشة المكعّبة الأهداف.

ثلاث مناسبت أقيمت هذا العام، واجتمعت في التوقيت عينه، ويشرحها عبيد بأنها: افتتاح متحف العشرة، مع معرض لأعمالهم، في الطبقة الرابعة من المبنى، وخصّصنا طبقة أخرى لمعرض فنيٍّ تشكيليّ لكل أساتذة الفرع الذين عملوا فيه منذ تأسيسه، بالإضافة لمعرض على طبقتين للطلاب من خارج مشاريع التخرج، لأربعة أقسام في الكلية: الهندسة المعمارية، الهندسة الداخلية، الفنون الإعلانية والتواصل البصري، والفنون التشكيلية، إضافة إلى جناح قسم الترميم الذي يخضع له طلاب مهندسون معماريون ومدنيون، وهو متخصص بترميم الآثار والأوابد التاريخية.

تزامن شهر أيار هذا العام مع مرور أربع وأربعين سنة على انطلاقة الفرع الثالث لكلية الفنون والعمارة في الجامعة اللبنانية، وخمسين عاماً على تشكّل مجموعة الفنانين العشرة عام 1974 هي الأسباب التي فرضت أن تحتشد كل هذه المناسبات في مناسبة واحدة.

يلفت عبيد إلى أن "رمزيّة الانطلاقة إنها تتوافق مع اليوبيل الذهبي لمجموعة الفنانين العشرة الذين يعود لهم الفضل في تأسيس الفرع عندما تواصلوا في حينه مع الرئيسين الراحلين سليمان فرنجية ورشيد كرامي، وطالبوا بعد جهود حثيثة بتأسيس الفرع، وكان ذلك”.

ويضيف ل"ردبيس" إن المناسبة "تتوافق هذا العام مع الذكرى 44 لتأسيس الفرع، حيث كنا وضعنا أساس متحف للفنانين العشرة، بينما، قبل أزمة الكورونا، كنا نقيم معرضاً فنياً سنوياً.

المتحف

في المتحف الذي تأسّس منذ نحو خمس سنوات، لُبْنَةً لمتحف الفنانين العشرة، انتشرت على جدران المبنى وفي أروقته وباحاته، أقسام، خُصِّص كل قسم لواحد من الفنانين، حمل صورة مجسّمةً له، مع سيرته الذاتية، وبعضٍ من أعماله التي تعبّر عن منهجه الفني.

باحات الطبقة الرابعة تحوّلت إلى متحف دائم للمجموعة، أضيف إليها هذا العام معرض تشكيلي لأعمالهم ضم عشرات اللوحات.

المجموعة حملت اسم الفنانين العشرة كونها تألّفت من عشرة فنانين لدى الانطلاق، وبقي تسعة منهم بعد انسحاب أحدهم.

الفنانون هم بتسلسل زمني: النحات الراحل محمد الحفار (1929-1993)، عبد الرحيم غالب (1931)، الراحل محمد غالب (1935- 2020)، الراحل بسام الديك (1943-2016)، فضل زيادة (1944)، عبد اللطيف بارودي (1944)، فيصل سلطان (1946)، عدنان خوجة (1948)، محمد عزيزة (1949).

وللمناسبة، وضعت الجامعة كتيّباً عن المجموعة، بالتعاون مع مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية، تضمن نبذة عن حياة كل منهم، مع مجموعة من الصور لأعمالهم.

المجموعة عند تشكّلها، أحدثت نقلة نوعية في الحياة الفنية والثقافية، بإقامتها العديد من المعارض التي حوّلت المدينة إلى خلية نحل فنية.

قبل المجموعة عرفت طرابلس فنانين تشكيليين معروفين منهم رضوان الشهال، ونسيبه عبدالله الشهال، وأحمد الدالاتي وزوجته هوغو، وزهير المرعبي، ومالك شديد، ومصباح بريدي، وهارمند، وآخرون.

الأساتذة

أربعة وعشرون أستاذاً عبروا في فرع الكليّة، تخرجوا منها، ودرّسوا الفنون فيها، وكثيرون آخرون لم تتسنَ لهم المشاركة، شكّلوا تظاهرة فنية مميّزة بأعمالهم الدائمة، واختصاصاتهم، واحترافهم للفنون من منظور يغلب عليه الطابع الفني- الفن للفن- ولم يذهب بعيداً في شطارات السوق، ومزاداته.

الأساتذة الفنانون الذين شارك كل منهم بعملين أو ثلاثة، هم: ديانا جحى في "رحلة إلى شمال بريطانيا"، و"ثمن الحرية"، تريز فرنسيس في "أشرعة في مهب الريح"، و"فضاءات لونية، و"أقواس وظلال"، هنى طوط في "عاشقين"و"تحدي"، علي العلي في "نافذة"، رويدا الرافعي في "عصافير السلام" و"طرابلس"، عايدة ابراهيم في "باقة من صيف"، و"حواء في استراحة"، منى الصايغ في "السكربينة الحمراء" و"سكربينة وشبك"، محمد حسين في "طيور الوروار"، و"ميناء"، ندى طرابلسي في "أمل" و”Pose"، نقولا العجيمي في "منظر طبيعي" و"صدمة"، رشا ملحم في "دون عنوان"، نادين العلي في "تحية لماتيس" و"طرابلس الجميلة حزينة"، و"القهوة الشعبية، حسان الصمد في "رَعِي"، مصطفى عبيد في "نافذة"، و"من الواقع"، الياس ديب في "لقاء في المرآة" و"من الاجداد إلى الأحفاد"، جمال نجا في "سورة الإخلاص" و"قل ربي زدني علماً"، سمر زيادة في "لاعب كرة السلة" و"تأليف"، أحمد سعيد في "تأليف"، فطام مراد في "ضريبة الانتماء"، وفاء منافيخي في "صدى الروح"، رياض عويضة في "عبلة"، هبة درويش في "أنظر إلي"، و"تمني”، إضافة إلى عاطف ملّاح، وهند الصوفي.

الطلاب

لا يمكن وصف أجنحة معرض الطلاب في طبقتين سفليين من المبنى، حجماً، وعدداً، وتنوّعاً، من كل أصناف الفنون، والأعمال المنتمية لعالم الفن. لكن لا بد من التوقف عند باحة مدخل المبنى حيث أقام الطلاب معرضاً خاصاً بغزة، تعبيراً عن مأساتها، وتعاطفاً معها.

إلى جانب هذا القسم، انتصبت ستة أعمدة مُكَسّرة ترمز لأهراءات مرفأ بيروت الذي دمّره انفجار آثر كثيرون إبقاء أسبابه إشكالية، بينما من الواضح تدميره بصاروخ أطلق من طيران معادٍ بحسب بعض الفيديوهات، وشهود العيان الذين يرزقون أحياء.

مشهد تعبيري مؤثّر نجح الطالب مرعب مرعب في تكوينه كأعمدة مكسورة تخرج منها أعضاء بقايا بشرية، ترمز إلى هول المأساة، والأعمدة هي مشروع التخرج للطالب مرعب عام 2020 وهي مطليّة باللون الأبيض الذي قيل إن "اليورانيوم" المنضّب يسببه عند الانفجار ويحوّل الأجساد إلى كُتَلٍ بيضاء صغيرة.

الاحتفالية

يتباهى عبيد بالاحتفالية الفنية الكبيرة، ويقول: "هذا العام، يمكننا القول إنه كان عندنا تظاهرة فنية، ونود ذكر زيارة قام بها إلى الكلية محاضراً المعمار العالمي البريطاني نايل ليتش (Neil Leach)، وهو أحد منظّري الذكاء الاصطناعي، وقد قدم محاضرة مهمة حضرها 400 طالب مشاركين ومناقشين، حول دور الذكاء الاصطناعي في اختصاصات الفنون”.

وقال إنه رغم كل الصعاب التي نواجهها، استطاعت الجامعة أن تتأقلم وتجدّد نفسها، وقد انطلقت بأقوى مما كانت عليه عام 2009، متحدِّثاً عن إدخال اختصاصات جديدة تلائم حاجة السوق، والمجتمع، مثل تصميم الأزياء كنموذج لتوجهات الكلية مستقبلاً.

وختم آملاً أن "تتحوّل الكلية إلى خلية عمل، ونفتحها للمؤتمرات، والتبادل العلمي، يساعدنا هذا المبنى الضخم الذي بإمكانه أن يستقبل كل أنشطة المدينة، وسيكون عاملاً فنياً لمحيطه، وشعاع نور لكل محافظة الشمال، ولبنان”.

الكلمات الدالة

معرض الصور