RedPeace

دورة الربيع في "الأفلام الفنية": طرابلس وسينما متنوعة

بعناد وإصرار سيدة الفن والثقافة، مؤسِّسة مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية (BAFF) أليس مغبغب، تحوّلت الدورة التاسعة للمهرجان للعام 2023-2024، إلى عام فني وثقافي شامل، امتد على كل الفصول، وكل المناطق اللبنانية، وقسّمته مغبغب إلى حلقات فصولية، وحملت ما تزخر به فعالياته إلى طرابلس، وصيدا، وزحلة، وبعلبك وسواها من مدن لبنانية.

حلقة الربيع من الدورة الحالية تتضمن
 احتفالية ثقافية واسعة بمدينة طرابلس تحت عنوان "طرابلس جوهرة على المتوسط" بحركة ناشطة لم يسبق أن حظيت طرابلس بمثلها، إضافة إلى فيلمين فنيين وثائقيين، وتجري فعاليات الحلقة بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، وجامعة القديس يوسف (اليسوعية)، والجامعة الأنطونية، ومؤسسة سعدالله ولبنى خليل.

ميّل يا غزيّل

أوّل الأفلام "ميّل يا غزيّل" (Those Who Remain)، مخرجته إيليان الراهب، موضوعه عن هيكل، مزارع مسيحي يبلغمن العمر 60 عامًا، يعيش في منطقة جبلية في شمال لبنان، كافح للبقاء في زمن تميّز بالهجرة.

مُنِحَ الفيلم عدة جوائز وعُرِضَ في العديد من المهرجانات حول العالم.

يجول الفيلم، من ضمن فعاليات المهرجان، على عدد من المناطق اللبنانية خلال موسم الربيع، ويعرض في طرابلس، وزحلة، وصيدا، وزغرتا.

إيليان الراهب مخرجة لبنانية أنتجت العديد من الأفلام القصيرة والوثائقيات، حصدت العديد من الجوائز في مختلفالمهرجانات الدولية. من أبرز ما أخرجته من وثائقيات طويلة: "أعنف حب”، و"ميّل يا غزّيل”، وليالي بلا نوم”.

أمبرتو إيكو: مكتبة من العالم

الفيلم الثاني "أمبرتو إيكو: مكتبة من العالم"، مخرجه دافيد فيراريو، ومن خلال الجمع بين الأرشيفات والمقابلات، يقترح توغّلاً في العالم وفق رؤية الكاتب الإيطاليّ أمبرتو إيكو (1932-2016) وتفكيره.

سعى إيكو للكشف عن مكتبته الخاصّة المتضمّنة حوالى 30000 كتاب، التي يعتبرها مساحة ثقافة وأدب، ورمزاً للذاكرة العالمية؛ ومكتبة إيكو هي شهادة قوية عن أهمية الأدب في مجتمعات العالم.

دافيد فيراريو مخرج إيطالي أنتج عبر شركته الخاصة جميع أفلامه منذ العام 2002، من بينها "بعد منتصف الليل"، والوثائقي "رحلة بريمو ليفي"، و"دماءٌ على العرش".

يعرض الفيلم في الجامعة الأميركية في بيروت.

طرابلس: جوهرة على المتوسط

تتضمن الفعالية تسع حلقات، ثمانية منها في الجامعة الأميركية في بيروت، وواحدة في الجامعة اليسوعية،ويتحدث فيها 35 شخصاً من نخبة المتخصّصين الملمّين بشؤون الثقافة والهندسة والتاريخ والتراث والمجتمع، وماهو متعلق بالشؤون الطرابلسية من جوانبها المختلفة، وتبدأ حلقاتها في الخامس عشر من الجاري بندوة بعنوان"طرابلس مدينة التراث والحداثة"، ويتحدث فيها: الدكاترة خالد زيادة، ومصباح رجب، ونبيل عيتاني، ويديرها الدكتور جان جبور.

الثانية في 22 الجاري، بعنوان "المجتمع وتغيراته في الكتابة السردية المعاصرة" يتحدث فيها الدكتوران فضل زيادة،وجان توما، والصحفي محمد أبو سمرا، وتديرها الدكتورة زهيدة درويش.

الثالثة، في 29 الجاري، طابعها موسيقي، بعنوان "مقامات طرابلسية"، ويشارك فيها عميد كلية الموسيقى فيالجامعة الأنطونية البروفسور نداء أبو مراد، والدكتور هيّاف ياسين، ومحمد جباخنجي.

الرابعة، في 30 الجاري، بعنوان "الحب عن بعد" وهو عمل أوبرالي تشارك فيه زينة صالح كيالي، وساسي البابا.

الخامسة، في 7 أيار المقبل، بعنوان "بين ريمون دو سان جيل، والمنصور قلاوون وعزمي بك"، يتحدث فيها الدكتورناهد غزال، وباسم زودة، ويديرها الدكتور جان ياسمين.

السادسة، في 13أيار المقبل، عن "معرض رشيد كرامي الدولي: الماضي والحاضر والمستقبل" يتحدث فيهاالدكتور مصباح رجب، وشارل كتانة، ونقولا خوري، ونيكولا فياض وتفتتح الحلقة بفيلم وثائقي عن المعرض.

السابعة، في 20 ايار المقبل، عن "الإرث المعماري خلال حقبة الانتداب: كنز مجهول"، يتحدث فيها المهندسةسالي قاسم، والدكتورة مها كيال، والدكتور هاني قهوجي، وتديرها الدكتورة ياسمين معكرون.

الثامنة، 27 أيار، تتمحور حول أهمية السينما في مدينة طرابلس، بعنوان "على الشاشة الكبيرة"، يتحدث فيهاالمخرج اللبناني هادي زكاك، ومدير مهرجان طرابلس للأفلام الياس خلاط، والمخرجة زينة دكاش، وكارلوسشاهين، وفيروز سرحال.

التاسعة، في 3 حزيران المقبل، بعنوان "أربع نساء من أجل طرابلس"، وهن ساره الشريف، ولميا كركور، وأناستازياالروس، وليا بارودي، وتتحدثن عن عطاءاتهن في مجال العمل التنموي والاجتماعي، وتدير اللقاء الإعلامية جوديالأسمر.

تشهد فعاليات حلقة طرابلس عروض افلام للمشاركين: إحداها، “أنا يا بحر منك" لفيروز سرحال، 2023، عن سمر وجود وعماد، ثلاثة أصدقاء فيالحادية عشرة من أعمارهم، يقررون يوما التغيب عن مدرستهم، ويمضون يوماً مليئاً بالمغامراتيقضونه في مدينتهم طرابلس، فيخلق اللقاء بينهم وبينها سحرًا في كل زاوية.

والثاني، فيلم "ابن القمرجي" لكارلوس شاهين، 2017، يبلغ كريم 6 سنوات، يأمره جدّه بالذهاب للبحث عن والدهالذي يلعب القمار في المقهى وفي المنزل وأينما كان. تدور الأحداث في لبنان في العام 1975. فيذلك اليوم، يعبر كريم مدينة طرابلس التي لم تكن الحرب قد وصلت إليها بعد.

كما يتحدث زكاك عن كتابه "العرض الأخير" موثِّقا السينما الطرابلسية منذ نشوئها في ثلاثينات القرن الماضي،علماً أن دور السينما التي عملت في طرابلس تزيد على 35 دار، إضافة إلى مسرح "الانجا"-زهرة الفيحاء- الذيتأسس أواسط تسعينات القرن التاسع عشر، واستضاف كبار الفنانين العرب، وتحوّل إلى سينما أواسط الثلاثيناتالماضية باسم "البيروكيه".

والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا طرابلس؟ قالت مغبغب ل"ردبيس": "طرابلس مدينة لبنانية عربية متوسطية تتميز بموقعها الجغرافي ونسيجها الاجتماعي والثقافي المتنوع الذي خولها استقطاب الجوار فلعبت حتى ثمانينيات القرن المنصرم دور عاصمة لبنان الثانية؛ وهي ثاني مدينة مملوكية بعد القاهرة ولا تزال مواقعها الأثرية ومبانيها التراثية تشهد، على الرغم من الإهمال، على تاريخها العريق. كما أنها تضم معلماً يعتبر رمزاً من رموز الحداثة المعمارية في السبعينيات وهو معرض رشيد كرامي الدولي، الذي أدرج مؤخراً على لائحة التراث العالمي لليونسكو.هي مدينة تجمع بين التراث والحداثة. وقد عرفت على مدى العقود تحولات عديدة أثرت على دورها وموقعها وهويتها.

وتابعت مضيفة إنه "في وقتنا هذا الذي تنهمك فيه أكثر من مدينةٍ على شاطيء المتوسّط، وفي العالم العربي بتشييد متحفٍ يمجّد الماضي، ويحتفي بالحاضر، تجد طرابلس نفسها، بأدق تفاصيلها، مدينة المتحف الحي.


ورأت مغبغب أن طرابلس، التي يبلغ عمرها ثلاثة آلاف عامٍ، يحرّكها حماس أهلها الكبير تجاه الجمال الذي تخفيه، وشغف سكانها الشديد بأسلوب الحياة الكريم، والمتسامح الذي منحهم إياه مجتمعهم، وتمسكهم بالتوازن بين البساطة والفخر الذي يميز طبيعتهم.

وانتهت إلى القول إنه "منذ أن هدأت حدّة النزاعات بين اللبنانيين، انشغل هؤلاء في اكتشاف أنفسهم، والتعرّف على بعضهم، ومنذ ذلك الحين، سحرهم صخب الحياة في "عاصمتهم الثانية" وغناها الثقافي، وهي التي تعانق بحرارةٍ مرفأها الصغير الجميل الذي يُطلق عليه اسم "المينا"، وهو أجمل النتوءات التي تتكوّن على الساحل اللبناني”.














الكلمات الدالة

معرض الصور