RedPeace

جولة في زغرتا الزاوية حيث أكثف المواقع السياحية

قضاء زغرتا-الزاوية قد يكون من أصغر الأقضية في لبنان، لكنه يزدحم بالتراث والآثار والإمكانات السياحية ما يجعله فيالمقدمة، ويتعذر لراغب في سبر مواقعه ومعالمه إنجاز مهمته في أقل من أسبوع.

 

من أبرز بلدات وقرى القضاء مدينتا زغرتا وأهدن التوأمان، هما توأمان لأن سكانهما هم عينهم، حيث أقامت كل عائلة بيتاً لهافي زغرتا الساحلية شتاء، وفي أهدن الجبلية على ارتفاع 1450 متراً صيفاً.

 

من بلداته وقراه يمكن ذكر أيطو، بنشعي، راسكيفا، سبعل، كفرصغاب، أصنون، قزحيا، الخالدية، إيعال، مزيارة، رشعين،كرمسدة، كفرحاتا، سرعل، كفرزينا وسواها.

 

تزدحم المنطقة بالمواقع السياحية لسببين، الأول، موضوعي ويعود لتاريخ المنطقة القديم، فأهدن كانت موئل المردةالأوائل، وهم القوم المتشكلين من الموارنة القادمين من سوريا بسبب صراعات مذهبية، وبعض الجراجمة القادمين منشمال سوريا، والأرجح من بعض بقع الأناضول الجغرافية.

 

قد لا يتفق كثيرون على هذا التعريف بالمردة، لكن الجماعة هم الذين تمردوا على الحكام في المنطقة منذ زمن طويل،فاكتسبوا اسم المردة، وفي الثقافة الإيديولوجية الكيانية اللبنانية، هم الأوائل من الموارنة الذين ارتكز عليهم الكيان اللبنانيعندما شكّله الاستعمار الفرنسي مطلع القرن، وأعلنه كياناً مستقلاً عامم 1943.

 

تاريخية المنطقة من هذه الزاوية تضيء على أسباب وفرة معالمها، فما من بلدة او قرية تخلو من موقع سياحي-تراثي-أثري،من نواويس، وأديرة، وكنائس، ومغاور، وينابيع مياه، وغابات، ووديان، وطواحين تقليدية، ومعاصر، ومدافن، وسواها.

 

السبب الثاني، ذاتي، وهو اجتهاد أبناء المنطقة في تطوير حياتهم، وتحديثها، رغم وضعها في ثاني سلم الأولويات بعد جبللبنان الماروني الآخر، فطوّر الزغرتاويون حياتهم بالعلم، والثقافة، والفنون، والسياحة، فباتت أهدن، والعديد من المناطق فيهامقصد السواح من مختلف الانحاء نظراً للصيت الجمالي الذي اكتنف سيرورتها التاريخية العصرية.

 

ونظراً لتنوّعها العريض على صعيد السياحة البيئية، والدينية، والطبيعية، والاجتماعية، لا بد من اختيار مواقع محدّدة قد تكونمن الأهم من بين بقية المواقع.

 

بحيرة بنشعي

 

قريباً من مدينة زغرتا، موقع وسيط بين الساحل والجبل تقوم بلدة بنشعي وجد فيها الوزير سليمان فرنجية -قائد المردة-مقراً له، فحوّل مجرى نهر صغير يعبرها إلى بحيرة من مياهه، فكانت بحيرة بنشعي إحدى أجمل المواقع السياحية اللبنانية،فطوّر بعض رجالها السياحة فيها وحولوها إلى ألعاب مائية، ومتعة سياحية يقصدها الناس من كل المناطق، وأقيمت حولهاأجمل المطاعم، والمواقع السياحية، وصُنِّفت محمية بيئية فقصدتها الطيور المهاجرة.

 

متحف الطيور والحيوانات

 

في زاوية من البحيرة، أقام أحد أبناء زغرتا الطموحين شربل مارون متحفاً للحيوانات والطيور والأسماك ومختلف المخلوقاتالمحنطة، ضم مروحة واسعة من المخلوقات، من مختلف الأصناف، والاشكال، ولا يزال تطوير المتحف جارٍ على قدم وساق،واستحدثت له طبقة ثانية بعدما ضاقت الطبقة الاولى بالمعروضات.

 

هياكل جوبيتير

 

قريباً من المتحف على مرتفع يعلو المحلة، اقام مارون ما يعرف بهياكل جوبيتير، وإن هو إلا تقليد لمبنى جوبيتير البعلبكيوالهدف منه استضافة المناسبات الاجتماعية، والدينية، والأعياد.

 

قلعة بربر آغا

 

بين زغرتا وبنشعي، مفترق يؤدي إلى بلدة مزيارة، وأولى البلدات على الطريق هي إيعال التي اتخذ منها أحد الولاةالعثمانيين-بربر آغا، مقراً له، وشاد فيها قلعة ضخمة، لا تزال قائمة بمختلف عناصرها، تحمل اسمه وهي قلعة بربر آغا.

 

تحتوي القلعة على معالم توثق لمرحلة ما بين مرحلتي الحكم العثماني، والانتداب الفرنسي، وتتكون من باحات وغرفعديدة، جدارنها مرتفعة، من حجارة ملساء تمنع تسلقها والدخول إليها في الحروب.

 

أمام القلعة باحة مطلة على المنطقة حتى أفاق بعيدة تبلغ البحر، وما بعده.

 

غابة بنشعي

 

تمتد بين بلدة بنشعي ووديان وجبال الجوار غابة مترامية من الصنوبر والسنديان ومختلف الأشجار والنباتات البرية، وبلغتأعدادها أكثر من مليون، وتعتبر محمية ناشئة، حديثة، حيث كانت جرداء إلى ان قرر الوزير فرنجية تشجيرها بالتعاون معالأهالي وجمعيات بيئية، وتحويلها إلى غابة كاملة استغرق غرسها كمناطق جرداء سنوات عديدة.

 

محمية حرج أهدن

 

تقع المحمية على الطرف الشمالي الشرقي لمدينة أهدن، وتمتد على المنحدرات التي تتوزعها المدينة في سكنهاوأعمالها السياحيةوتضم أشجاراً محمية مثل الأرز والشوح والسنيدان والصنوبر، وتنوعاً واسعا من النباتات المنخفضةكالزهور البرية، والكثير منها نادر.

 

اتخذتها الطيور المهاجرة محطة استراحة، وشكلت الغابة لها موئلاً يريحها في تنقلاتها، ويحميها من جور فوضى الصيد.

 

مواقع دينية

 

من أبرز المواقع الدينية في المنطقة كنيسة مار ماما في أهدن التي تعتبر أقدم كنيسة مارونية على الإطلاق، وتؤكد مركزيةأهدن في التاريخ الماروني.

 

ويقوم دير مار أنطونيوس قزحيا في بلدة قزحيا الواقعة على المنحدر الغربي لجبل أيطو، لكن الدير يقع في منخفض عميقيؤدي إلى وادي قنوبين، واشتهر الدير بفخامة بنائه، وضخامته، واحتوائه أول مطبعة وفدت إلى الشرق، وتشتهر بمطبعة ديرقزحيا، ولا تزال المطبعة موجودة في إحدى ردهات الدير.

 

ومن بلدة كرمسدة، ثمة طريق يؤدي إلى وادي قاديشا، يرتفع على منحدره الغربي المطل على قضاء الكورة دير أرثوذكسيفريد لا يمكن الوصول إليه إلّا عبر سلم متدرج طويل، هو دير سيدة حماطورة الذي يؤمه المؤمنون إيفاء لندور نظراً لصعوبةبلوغه.

 

وفي موقع قريب من الدير، اكتشفت "الجمعية اللبنانية للمغاورمغارة قديمة تعود للعصر النحاسي، وذلك منذ أقل منعقدين، وعثرت فيها على بقايا أغنت البحوث التاريخية عن سكن الانسان القديم للمنطقة.

 

أهدن

 

وتبقى مدينة أهدن قبلة السياحة الترفيهية، والاجتماعية، والثقافية، والدينية، والسياسية، وتحتوي على الميدان الشهيرالذي يجمع قاصدي المنطقة من مختلف المناطق، والأنحاء، يعلوها جبل مطل على مسافات بعيدة من ثلاث جهات، ويمكنرصد جزيرة قبرص منها بمنظار، وهو جبل سيدة الحصن، إحدى أعتق الأديرة في المنطقة، ولا يمكن زيارة أهدن دون الصعودإلى هذا الجبل والتمتع بالمناظر التي تؤمنها إطلالته.

 

في إهدن العديد من المطاعم، والفنادق السياحية الفخمة، والساحات، والشوارع، وتمتاز بمياهها العذبة الباردة من نبع مارسركيس، وتطورت أهدن في العقود الثلاثة الأخيرة من بلدة بسيطة، إلى مدينة باتت مقصد الزوار من مختلف انحاء العالمحيث لا تزال، رغم نموّها المديني، تحافظ على طابعها القروي اللبناني الحميم.

الكلمات الدالة

معرض الصور